كانت مجرد كلمة على لوحة رسم":":

عضو متقدم نقاط : 1438 تاريخ التسجيل : 17/07/2010

كانت مجرد كلمة:

تعودت كل ليلة أن امشي قليلا ، فأخرج لمدة نصف ساعة ثم اعود..وفي خط سيري يوميا كنت اشاهد طفلا لم يتعدىالتاسعه من العمر
كان يلاحق فراشا اجتمع حول احدى انوار الاضاءة المعلقة في سور احد المنازل... لفت انتباهي شكله وملابسه .. فكان يلبس قميصا ممزقا ولاينتعل حذاء.. وكان شعره اسود مجعد وعيناه سودوان .. كان في البداية لايلاحظ مروري .. ولكن مع مرور الايام .. اصبح ينظر الي ثم يبتسم
....
في احد الايام استوقفته وسالته عن اسمه فقال عبدالله.. فسألته اين منزلكم .. فأشار الى غرفة خشبية بجانب سور احد المنازل .. وقال هذا هو عالمنا ، اعيش فيه مع امي واختي وجدتى.. وسالته عن ابيه .. فقال ابي كان يعمل سائقا في احدى الشركات الكبيرة .. ثم توفي في حادث مروري.. ثم انطلق يجري عندما شاهد اخته تخرج راكضه الى الشارع ..فمضيت في حال سبيلي.. ويوما مع يوم.. كنت كلما مررت استوقفه لاجاذبه اطراف الحديث .. سالته: ماذا تتمنى ؟ قال كل صباح اخرج الى نهاية الشارع .. لاشاهد دخول الطلبه الى المدرسه .. اشاهدهم يدخلون الى هذا العالم الصغير..مع باب صغير.. ويرتدون زيا موحدا ... ولااعلم ماذا يفعلون خلف هذا السور.. امنيتي ان اصحو كل صباح .. لالبس زيهم .. واذهب وادخل مع هذا الباب لاعيش معهم واتعلم القراءة والكتابة .. لااعلم ماذا جذبني في هذا الطفل الصغير .. قد يكون تماسكه رغم ظروفه الصعبه .. وقد يكون عينيه .. لااعلم حتى الان السبب.. كنت كلما مررت مع هذا الشارع .. احضر له شيئا معي.. حذاء .. ملابس.. العاب.. اكل.. وقال لي في احدى المرات .. بأن خادما يعمل في احد البيوت القريبة منهم قد علمه مهنة الرسم.. وطلب مني ان احضر له الوانا وادوات رسم .. فاحضرت له ماطلب .. وطلب مني في احد الايام طلبا غريبا
.. قال لي اريدك ان تعلمني كيف اكتب كلمة احبك.. ؟ مباشرة جلست انا وهو على الارض .. وبدأت اخط له على الرمل كلمة احبك.. على ضوء عمود انارة في الشارع .. كان يراقبني ويبتسم .. وهكذا كل ليلة كنت اكتب له كلمة احبك.. حتى اجاد كتابتها بشكل رائع .. وفي ليلة غاب قمرها ... حضرت اليه .. وبعد ان تجاذبنا اطراف الحديث .. قال لي اغمض عينيك .. ولااعلم لماذا اصر على ذلك.. فأغمضت عيني .. وفوجئت به يقبلني ثم جري راكضا .. ويختفي داخل الغرفة الخشبيه .. وفي الغد حصل لي ظرف طاريء استوجب سفري خارج المدينة لشهرين متواصلين .. لم استطع ان اودعه .. فرحلت وكنت اعلم انه ينتظرني كل ليله .. وعند عودتي .. لم اشتاق لشي في مدينتي .. اكثر من شوقي الى عبدالله.. في تلك الليلة خرجت مسرعا وقبل الموعد وصلت المكان وكان عمود الانارة الذي نجلس تحته لايضيء.. كان الشارع هادئا .. احسست بشي غريب.. انتظرت كثيرا فلم يحضر.. فعدت ادراجي .. وهكذا لمدة خمسة ايام .. كنت احضر كل ليلة فلااجده.. عندها صممت على زيارة امه لسؤالها عنه.. فقد تكون مريضه .. استجمعت قواي وذهبت للغرفة الخشبية .. طرقت الباب على استحياء.. فخرجت اخته .. ثم خرجت امه من بعدها.. وقالت عندما شاهدتني.. يالهي .. لقد حضرت .. وقد وصفك كما انت تماما.. ثم اجهشت في البكاء.. علمت حينها ان شيئا قد حصل.. ولكني لااعلم ماهو؟؟؟؟ وعندما هدأت الام سالتها ماذا حصل؟؟ اجيبيني ارجوك .. قالت لي لقد مات عبدالله.. وقبل وفاته .. قال لي سيحضر احدهم للسؤال عني فاعطيه هذا وعندما سالته من يكون ..قال اعلم انه سياتي.. سياتي لامحالة ليسأل عني؟؟ اعطيه هذه الرسمه .. فسالت امه ماذا حصل؟؟ فقالت لي توفي عبدالله.. في احدى الليالي احس ابني بحرارة واعياء شديدين .. فخرجت به الى احد المستوصفات الخاصة القريبه .. فطلبوا مني مبلغا ماليا كبيرا مقابل الكشف والعلاج لااملكه .. فتركتهم وذهبت الى احد المستشفيات العامة .. وكانت حالته تزداد سوءا..فرفضوا ادخاله بحجة عدم وجود ملف له بالمستشفى.. فعدت الى المنزل .. لكي اضع له الكمادات .. ولكنه كان يحتضر.. بين يدي.. ثم اجهشت في بكاء مرير.. لقد مات .. مات عبدالله.. لااعلم لماذا خانتني دموعي.. نعم لقد خانتني .. لاني لم استطع البكاء.. لم استطع التعبير بدموعي عن حالتي حينها.. لااعلم كيف اصف شعوري .. لااستطيع وصفه

لااستطيع .. خرجت مسرعا ولااعلم لماذا لم اعد الى مسكني.بل اخذت اركض بالشارع .. فجأة تذكرت الشي الذي اعطتني اياه ام عبدالله..... فتحته ... فوجدت رسما جميلا من باقة زهور..قد خطت عليها بشكل رائع كلمة احبك.... . يالهي .. لقد عرفت سر رغبته في كتابة هذه الكلمه .. وعرفت الان لماذا كان يخفي يديه في اخر لقاء.. كانت اصابعه مليئة ببقايا الالوان التي كان يستعملها لرسم تلك اللوحة.. كانت اصدق كلمة حب في حياتي.. لقد كتبها بدمه .. بجروحه .. بألمه.. كانت تلك الليلة هي اخر ليلة لي في ذلك الشارع .. فلم ارغب في العودة اليه مرة اخرى.. فهو كما يحمل ذكريات جميله .. يحمل ذكرى الم وحزن .. يحمل ذكرى عبدالله احتفظت بتلك الرسمه معي.. وكنت احملها معي في كل مكان اذهب اليه .. وبعدها بشهر.. واثناء تواجدي في احدى الدول.. وعند ركوبي لاحد المراكب في البحر الابيض المتوسط.. اخرجت اللوحة.. وقررت ان ارميها في البحر ..لااعلم لماذا ؟؟ ولكن لانها تحمل اقسى ذكرى في حياتي.. وقبل غروب الشمس.. امتزجت دموعي بدم عبدالله بكلمة احبك.. ورفعت يدي عاليا .. ورميتها في البحر.. واخذت ارقبها وهي تختفي عن نظري شيئا فشيئا .. ودموعي تسالني لماذا ؟؟ ولكنني كنت لااملك جوابا ؟؟ عبدالله سامحني .. فلم اعد احتمل الذكرى؟؟ عبدالله سامحني.. فقد حملتني اكبر مما اتحمل؟؟ عبدالله سامحني فأنا لااستحق اللوحة التي رسمتها ..عبدالله سامحني ....

غريبه هى الدنيا ومااعجبها

شكرا ليك

شكرا زكريا

رائعة ومميزة القصة يازيكو